في تلك الأثناء كان عبد الرحمن بن رستم واليا على القيروان من طرف الإمام أبي الخطاب ، وكان في طريقه لنصرة الإمام ولكنه علم بموت الإمام مما اضطره للفرار إلى المغرب الأوسط بصحبة ابنه عبد الوهاب وخادمه ،وظل سائرا بين القبائل الاباضية متخفيا سالكا طريقا وعرة من جنوب الجزائر وقطعها من شرقها إلى غربها إلى حين وصوله إلى جبل يدعى سوفجج ، وقد وجد إمامنا المنتظر أنصارا له في الطريق ساروا معه إلى الموقع المذكور ، ولحق به ابن الأشعث وظل يحاصر الجبل المنيع إلى أن يأس من اقتحامه فرجع جارا أذيال الهزيمة . وظل عبد الرحمن هنالك بين أنصاره من القبائل البربرية حتى إذا اجتمع حوله من أهل العلم والصلاح من يثق بهم ، ووجد نفسه قادرا على الشروع في بناء دولته اتجه نحو موقع ( تيهرت ) وشرع في بناء دولته الشامخة في نهاية 155 للهجرة وبداية 156 للهجرة .
اجتهد إمامنا المرتقب ومن معه على إيجاد مكان مناسب لبناء مدينة مثالية تحصنا ومنعة وهواء وجمالا وكان الموقع المختار أشجارا وأحراشا ومرتعا لأنواع السباع والوحوش .
ويروى أن عبد الرحمن وأصحابه لما اعتزموا بناء مدينة تيهرت بهذا المكان المغطى بغابة كثيفة كانت مأوى للوحوش ، كلف أحدهم بان ينادي بأعلى صوته ثلاث مرات في ثلاثة أيام : أيتها الوحوش إنا نريد أن نعمر هذا المكان فمن يريد السلامة فليخرج منه ، وعلى إثر هذا النداء شاهدوا السباع والوحش تحمل أشبالها في أفواهها خارجة من الغابة. وهذا ليس بغريب على من آمن بالله حق الإيمان واتبع منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأخيار ، فقد وقع مثل هذا للصحابة والتابعين عندما أرادوا تأسيس مدينة القيروان كما هو معلوم.
بعد أن قام إمامنا المرتقب عبد الرحمن ومن معه ببناء دولتهم الإباضية الشامخة الذكر ، ازدهرت المدينة واشتهرت بحسن جمالها وامتياز موقعها ، مما جعل الكتاب والرحالة يشيدون بوصفها ، من ذلك وصف المقدسي لها حيث قال : (( .... هي بلخ العرب ، قد أحدقت بها الأنهار والتفت بها الأشجار وغابت في البساتين ونبعت حولها الأعين وجل بها الإقليم وانتعش فيها الغريب واستطابها اللبيب يفضلونها على دمشق وقد أخطو ، وعلى قرطبة وما أظنهم أصابوا ، هو بلد كبير كثير الخير رحب رقيق طيب رشيق الأسواق غزير الماء جيد الأهل قديم الوضع محكم الرصف عجيب الوصف .... )) . أنظر المقدسي : أحسن التقاسيم ، ص 228 .
وقد استمرت هذه الدولة الفتية في التطور والازدهار ، حتى اشتهرت في الآفاق وعرفت بـ ( عراق المغرب ) ، وفي عام 160 للهجرة استأنس الإباضية من أنفسهم قوة ووجدوا أنهم يملكون كل المقومات المادية والأدبية لإعلان إمامة الظهور ، فنظروا لمن يتولى الأمر فلم يجدوا أليق ولا أبرز من عبد الرحمن بن رستم رحمه الله لسابقته ودينه وعلمه ، وتمت البيعة له ، وهكذا يكون الإمام عبد الرحمن بن رستم رحمه الله أول إمام لأول دولة إسلامية إباضية في المغرب الأوسط (الجزائر ) عرفت في التاريخ بالدولة الرستمية .
وكانت الدولة الرستمية دولة إباضية تستظل بها جميع القبائل المعتنقة لهذا المذهب إضافة إلي غيرها من القبائل والمذاهب الداخلة ضمن حدودها ،وكان جميع سكانها من مختلف المذاهب يعيشون بحرية تامة ولهم منازلهم ومساجدهم الخاصة التي يتعبدون بها وفق ما يرونه صحيحا دون أن تمس حرياتهم أو تجرح مشاعرهم ، وكانت تجري بين العلماء من مختلف المذاهب المناظرات وكان يحضرها العام والخاص ، ولنستمع إلى ما قاله ابن الصغير في الدولة الرستمية ، وابن الصغير هذا من الشيعة وقد عاش في هذه الدولة وعني بكتابة تاريخها ، فكان من ضمن ما قاله عنها : (( ليس أحد ينزل بهم من الغرباء إلا استوطن معهم وابتنى بين أظهرهم لمل يرى من رخاء البلد وحسن سيرة إمامه وعدله في رعيته وأمانة على ماله ونفسه ، حتى لا ترى دارا إلا قيل هذه لفلان الكوفي ، وهذه لفلان البصري ، وهذه لفلان القروي ، وهذا مسجد القرويين ورحبتهم ، وهذا مسجد البصريين ،وهذا مسجد الكوفيين )) ، أنظر : أخبار الأئمة الرستميين لإبن الصغير ، ص36 .
هذه شهادة من رجل يعتنق مذهبا مخالفا لمذهب أهل الحق والاستقامة فما الذي دفعه لأن يثني عليهم ويصفهم بما وصف إلا ما رآه بأم عينيه من عدلهم وإنصافهم وإقامتهم لشرع الله وتطبيقهم لسنة رسول الله .
وهنا سؤال يطرح نفسه أين ملوك بني أمية ما خلا عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه ، وملوك بني العباس من هؤلاء الأئمة؟! وأين أفعالهم من أفعال هؤلاء؟! ، وأين دولهم من هذه الدولة؟! ، فإن المتأمل لدولة بني أمية وبني العباس يجد أنهم مارسوا أشد أنواع التعذيب والقهر والكبت لمن خالفهم في المعتقد فلم يتورعوا في قتله والتنكيل به وإهلاك ماله وذريته بل يصل الأمر ببعضهم إلى القتل بالظنة ، وكتب التاريخ مليئة بجرائمهم ولا داعي لذكرها فهي لا تخفى عن كل ذي لب ، حتى بيت الله الحرام لم يسلم منهم ، ونكتفي بذكر ما عاناه الإمام أبو عبيدة رحمه الله منهم مما اضطره أن يدرس طلابه في سرداب تحت الأرض وكانوا يتخفون بلباس الباعة والنساء حتى يصلوا إلى سردابهم فأي قهر أشد من هذا القهر وأي كبت لحرية العبادة أشد من هذا الكبت ، ثم يأتي من يلبسهم لقب خليفة المسلمين والإسلام من أفعالهم براء.
وكنت أتصفح مآثرهم التي خلفوها للأجيال الإسلامية لتتأسى بهم في كتاب العقد الفريد لأبن عبد ربه والذي يحضر في ذاكرتي الآن من مآثرهم الخالدة ، تحدث إبن عبد ربه عن خليفتهم الراشد هارون الرشيد فقال : " وكان رحمه الله له قينة يتردد عليها " أتعرفون ما معنا القينة يا أحفاد الفاروق والصديق ، إن اسم القينة يطلق على المرأة العاهرة . هذا هو الخليفة الراشد " رحمه الله " !!!!!!!!!!!!
وسأراجع الموضوع في كتاب العقد الفريد حتى أتي بنص كلام إبن عبد ربه ،
فمن هو الذي يستحق أن يوصف بالمذهبي الإباضية أم هؤلاء ومن هو الذي يستحق أن يلقب بالخوارج الإباضية أم هؤلاء، سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.
ولقد استمرت هذه الدولة الشامخة في جبين الدهر لما يقرب من 140 سنة ، منذ أن نشأت في عام 156 وحتى عام 296 للهجرة ، أي أكثر من عمر الدولة الأموية والدولة العباسية رصعت خلالها الكثير من الآيات والعبر ما يستحق أن يكتب بماء الذهب ويرصع به جبين الدهر .
وبالنسبة لما قدمته هذه الدولة للأمة الإسلامية من خدمة لها ، وإعلاء لراية الإسلام بتطبيق شرع الله سبحانه وتعالى ، فإنه حري بالدول التي جاءت من بعدها والتي ستأتي أن تقتدي بها وبأئمتها الأجلاء .
وقد تولى الحكم في هذه الدولة أئمة عظماء أحيوا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، كان أولهم المؤسس لهذه الدولة وهو الإمام الجليل عبد الرحمن بن رستم رحمه الله كما أسلفنا ، ثم تولى من بعده إبنه الإمام عبد الوهاب رحمه الله ، ولم يبايع بالإمامة لكونه إبنا للإمام السابق كما يظن البعض ، فإن المقياس عند الإباضية هو التقوى وليس النسب ، ولما توافرت في الإمام عبد الوهاب المواصفات التي تأهله لهذا المنصب الخطير لم يتأخر العلماء من أهل الحل والعقد في مبايعته .
ومن أئمة هذه الدولة الإمام أفلح بن الإمام عبد الوهاب رحمهما الله ، وغيره من الأئمة العدول ، وكان آخر أئمة هذه الدولة هو الإمام اليقظان بن أبي اليقظان .
ولكن أصحاب القلوب المريضة ، والنفوس السقيمة ، لم يقر لهم قرار وهم يرون هذه الدولة الشامخة فوق ذرى السحاب ، تعيش في أمن وسلام مع أهلها من مختلف المذاهب ، وتحقق الانتصارات تلو الانتصارات ، ولم يستطيعوا تحمل الحسد والحقد المشتعل في صدورهم من رؤية الدولة الرستمية يقصدها الوراد من كل حدب وصوب ، ليعيشوا فيها تحت ظل الأئمة الإباضية المطبقين لشرع الله ، فانفجرت نفوسهم بكل ما حوته من سموم ، وراحوا يحرقون كل ما وجدوه في طريقهم ، ويبيدون الأخضر واليابس ، فلم يسلم منهم لا الأطفال الرضع ،ولا النساء الرتع ، ولا الشيوخ الركع.
بعد أن استمرت هذه الدولة الإسلامية لما يقارب من 140 عاما ، جسدت فيها معنى الدولة الإسلامية على حقيقتها ، وأحيت سيرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، وسيرة صحابته الكرام رضوان الله عليهم .
ولكن شاءت مشيئة الله تعالى أن لا تستمر هذه الدولة لحكمة عنده ، فهجم عليها من انفجر قلبه بالحقد والحسد والغيض على هذه الدولة العادلة التي عاش تحت كنفها أصحاب مختلف المذاهب أحرارا يمارسون عبادتهم بكل حرية في مساجدهم الخاصة ، فأي عدل بعد هذا العدل ، وأي إنصاف بعد هذا الإنصاف .
هجم عليها المسمى أبو عبدالله الشيعي داعية الفاطميين ، فعاث فيها فسادا ، وقتل ، وشرد ، وانتهك الأعراض ، ولم يراعي في أهلها إلا ولا ذمة ، ولم يراعي فيهم أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , فقتل منهم من قتل وأسر من أسر وتشرد الباقون في الصحاري والجبال . والله المستعان على ذلك وعند الله تجتمع الخصوم .
ولم يكتف بذلك ، بل صب جام حقده الأسود على ما خلفته هذه الثلة المؤمنة من تراث ، فقام بإحراق مكتبة المعصومة ، مكتبة الدولة الرستمية ، بعد أن سرق ما فيها من الكتب الرياضية والصناعية والفنية ، وأحرق الباقي وقضى بذلك على تراث عظيم ، كان سيعود بالفائدة العظيمة على أبناء هذه الأمة .
ولا نقول إلا إن لله وإن إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .
وهنا سؤالا يطرح نفسه ، ويحتاج إلى إجابة منصفة له من منصف ، والسؤال هو :
هل هناك فرق بين ما قام به هذا المجرم المحسوب على هذه الأمة من قضاء للدولة الرستمية ، هذه الدولة العادلة التي آوت من هم على نحلته وأنصفتهم وحفظة حقوقهم ، وما قام به من إحراق لمكتبتها المعصومة ، وما قام به التتار من القضاء على الدولة العباسية وإحراق مكتبتها دار الحكمة ، مع الأخذ بعين الاعتبار البون الشاسع والفرق الواسع بين الدولة الرستمية والدولة العباسية !!!!!!!!!!
اجتهد إمامنا المرتقب ومن معه على إيجاد مكان مناسب لبناء مدينة مثالية تحصنا ومنعة وهواء وجمالا وكان الموقع المختار أشجارا وأحراشا ومرتعا لأنواع السباع والوحوش .
ويروى أن عبد الرحمن وأصحابه لما اعتزموا بناء مدينة تيهرت بهذا المكان المغطى بغابة كثيفة كانت مأوى للوحوش ، كلف أحدهم بان ينادي بأعلى صوته ثلاث مرات في ثلاثة أيام : أيتها الوحوش إنا نريد أن نعمر هذا المكان فمن يريد السلامة فليخرج منه ، وعلى إثر هذا النداء شاهدوا السباع والوحش تحمل أشبالها في أفواهها خارجة من الغابة. وهذا ليس بغريب على من آمن بالله حق الإيمان واتبع منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأخيار ، فقد وقع مثل هذا للصحابة والتابعين عندما أرادوا تأسيس مدينة القيروان كما هو معلوم.
بعد أن قام إمامنا المرتقب عبد الرحمن ومن معه ببناء دولتهم الإباضية الشامخة الذكر ، ازدهرت المدينة واشتهرت بحسن جمالها وامتياز موقعها ، مما جعل الكتاب والرحالة يشيدون بوصفها ، من ذلك وصف المقدسي لها حيث قال : (( .... هي بلخ العرب ، قد أحدقت بها الأنهار والتفت بها الأشجار وغابت في البساتين ونبعت حولها الأعين وجل بها الإقليم وانتعش فيها الغريب واستطابها اللبيب يفضلونها على دمشق وقد أخطو ، وعلى قرطبة وما أظنهم أصابوا ، هو بلد كبير كثير الخير رحب رقيق طيب رشيق الأسواق غزير الماء جيد الأهل قديم الوضع محكم الرصف عجيب الوصف .... )) . أنظر المقدسي : أحسن التقاسيم ، ص 228 .
وقد استمرت هذه الدولة الفتية في التطور والازدهار ، حتى اشتهرت في الآفاق وعرفت بـ ( عراق المغرب ) ، وفي عام 160 للهجرة استأنس الإباضية من أنفسهم قوة ووجدوا أنهم يملكون كل المقومات المادية والأدبية لإعلان إمامة الظهور ، فنظروا لمن يتولى الأمر فلم يجدوا أليق ولا أبرز من عبد الرحمن بن رستم رحمه الله لسابقته ودينه وعلمه ، وتمت البيعة له ، وهكذا يكون الإمام عبد الرحمن بن رستم رحمه الله أول إمام لأول دولة إسلامية إباضية في المغرب الأوسط (الجزائر ) عرفت في التاريخ بالدولة الرستمية .
وكانت الدولة الرستمية دولة إباضية تستظل بها جميع القبائل المعتنقة لهذا المذهب إضافة إلي غيرها من القبائل والمذاهب الداخلة ضمن حدودها ،وكان جميع سكانها من مختلف المذاهب يعيشون بحرية تامة ولهم منازلهم ومساجدهم الخاصة التي يتعبدون بها وفق ما يرونه صحيحا دون أن تمس حرياتهم أو تجرح مشاعرهم ، وكانت تجري بين العلماء من مختلف المذاهب المناظرات وكان يحضرها العام والخاص ، ولنستمع إلى ما قاله ابن الصغير في الدولة الرستمية ، وابن الصغير هذا من الشيعة وقد عاش في هذه الدولة وعني بكتابة تاريخها ، فكان من ضمن ما قاله عنها : (( ليس أحد ينزل بهم من الغرباء إلا استوطن معهم وابتنى بين أظهرهم لمل يرى من رخاء البلد وحسن سيرة إمامه وعدله في رعيته وأمانة على ماله ونفسه ، حتى لا ترى دارا إلا قيل هذه لفلان الكوفي ، وهذه لفلان البصري ، وهذه لفلان القروي ، وهذا مسجد القرويين ورحبتهم ، وهذا مسجد البصريين ،وهذا مسجد الكوفيين )) ، أنظر : أخبار الأئمة الرستميين لإبن الصغير ، ص36 .
هذه شهادة من رجل يعتنق مذهبا مخالفا لمذهب أهل الحق والاستقامة فما الذي دفعه لأن يثني عليهم ويصفهم بما وصف إلا ما رآه بأم عينيه من عدلهم وإنصافهم وإقامتهم لشرع الله وتطبيقهم لسنة رسول الله .
وهنا سؤال يطرح نفسه أين ملوك بني أمية ما خلا عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه ، وملوك بني العباس من هؤلاء الأئمة؟! وأين أفعالهم من أفعال هؤلاء؟! ، وأين دولهم من هذه الدولة؟! ، فإن المتأمل لدولة بني أمية وبني العباس يجد أنهم مارسوا أشد أنواع التعذيب والقهر والكبت لمن خالفهم في المعتقد فلم يتورعوا في قتله والتنكيل به وإهلاك ماله وذريته بل يصل الأمر ببعضهم إلى القتل بالظنة ، وكتب التاريخ مليئة بجرائمهم ولا داعي لذكرها فهي لا تخفى عن كل ذي لب ، حتى بيت الله الحرام لم يسلم منهم ، ونكتفي بذكر ما عاناه الإمام أبو عبيدة رحمه الله منهم مما اضطره أن يدرس طلابه في سرداب تحت الأرض وكانوا يتخفون بلباس الباعة والنساء حتى يصلوا إلى سردابهم فأي قهر أشد من هذا القهر وأي كبت لحرية العبادة أشد من هذا الكبت ، ثم يأتي من يلبسهم لقب خليفة المسلمين والإسلام من أفعالهم براء.
وكنت أتصفح مآثرهم التي خلفوها للأجيال الإسلامية لتتأسى بهم في كتاب العقد الفريد لأبن عبد ربه والذي يحضر في ذاكرتي الآن من مآثرهم الخالدة ، تحدث إبن عبد ربه عن خليفتهم الراشد هارون الرشيد فقال : " وكان رحمه الله له قينة يتردد عليها " أتعرفون ما معنا القينة يا أحفاد الفاروق والصديق ، إن اسم القينة يطلق على المرأة العاهرة . هذا هو الخليفة الراشد " رحمه الله " !!!!!!!!!!!!
وسأراجع الموضوع في كتاب العقد الفريد حتى أتي بنص كلام إبن عبد ربه ،
فمن هو الذي يستحق أن يوصف بالمذهبي الإباضية أم هؤلاء ومن هو الذي يستحق أن يلقب بالخوارج الإباضية أم هؤلاء، سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.
ولقد استمرت هذه الدولة الشامخة في جبين الدهر لما يقرب من 140 سنة ، منذ أن نشأت في عام 156 وحتى عام 296 للهجرة ، أي أكثر من عمر الدولة الأموية والدولة العباسية رصعت خلالها الكثير من الآيات والعبر ما يستحق أن يكتب بماء الذهب ويرصع به جبين الدهر .
وبالنسبة لما قدمته هذه الدولة للأمة الإسلامية من خدمة لها ، وإعلاء لراية الإسلام بتطبيق شرع الله سبحانه وتعالى ، فإنه حري بالدول التي جاءت من بعدها والتي ستأتي أن تقتدي بها وبأئمتها الأجلاء .
وقد تولى الحكم في هذه الدولة أئمة عظماء أحيوا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، كان أولهم المؤسس لهذه الدولة وهو الإمام الجليل عبد الرحمن بن رستم رحمه الله كما أسلفنا ، ثم تولى من بعده إبنه الإمام عبد الوهاب رحمه الله ، ولم يبايع بالإمامة لكونه إبنا للإمام السابق كما يظن البعض ، فإن المقياس عند الإباضية هو التقوى وليس النسب ، ولما توافرت في الإمام عبد الوهاب المواصفات التي تأهله لهذا المنصب الخطير لم يتأخر العلماء من أهل الحل والعقد في مبايعته .
ومن أئمة هذه الدولة الإمام أفلح بن الإمام عبد الوهاب رحمهما الله ، وغيره من الأئمة العدول ، وكان آخر أئمة هذه الدولة هو الإمام اليقظان بن أبي اليقظان .
ولكن أصحاب القلوب المريضة ، والنفوس السقيمة ، لم يقر لهم قرار وهم يرون هذه الدولة الشامخة فوق ذرى السحاب ، تعيش في أمن وسلام مع أهلها من مختلف المذاهب ، وتحقق الانتصارات تلو الانتصارات ، ولم يستطيعوا تحمل الحسد والحقد المشتعل في صدورهم من رؤية الدولة الرستمية يقصدها الوراد من كل حدب وصوب ، ليعيشوا فيها تحت ظل الأئمة الإباضية المطبقين لشرع الله ، فانفجرت نفوسهم بكل ما حوته من سموم ، وراحوا يحرقون كل ما وجدوه في طريقهم ، ويبيدون الأخضر واليابس ، فلم يسلم منهم لا الأطفال الرضع ،ولا النساء الرتع ، ولا الشيوخ الركع.
بعد أن استمرت هذه الدولة الإسلامية لما يقارب من 140 عاما ، جسدت فيها معنى الدولة الإسلامية على حقيقتها ، وأحيت سيرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، وسيرة صحابته الكرام رضوان الله عليهم .
ولكن شاءت مشيئة الله تعالى أن لا تستمر هذه الدولة لحكمة عنده ، فهجم عليها من انفجر قلبه بالحقد والحسد والغيض على هذه الدولة العادلة التي عاش تحت كنفها أصحاب مختلف المذاهب أحرارا يمارسون عبادتهم بكل حرية في مساجدهم الخاصة ، فأي عدل بعد هذا العدل ، وأي إنصاف بعد هذا الإنصاف .
هجم عليها المسمى أبو عبدالله الشيعي داعية الفاطميين ، فعاث فيها فسادا ، وقتل ، وشرد ، وانتهك الأعراض ، ولم يراعي في أهلها إلا ولا ذمة ، ولم يراعي فيهم أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , فقتل منهم من قتل وأسر من أسر وتشرد الباقون في الصحاري والجبال . والله المستعان على ذلك وعند الله تجتمع الخصوم .
ولم يكتف بذلك ، بل صب جام حقده الأسود على ما خلفته هذه الثلة المؤمنة من تراث ، فقام بإحراق مكتبة المعصومة ، مكتبة الدولة الرستمية ، بعد أن سرق ما فيها من الكتب الرياضية والصناعية والفنية ، وأحرق الباقي وقضى بذلك على تراث عظيم ، كان سيعود بالفائدة العظيمة على أبناء هذه الأمة .
ولا نقول إلا إن لله وإن إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .
وهنا سؤالا يطرح نفسه ، ويحتاج إلى إجابة منصفة له من منصف ، والسؤال هو :
هل هناك فرق بين ما قام به هذا المجرم المحسوب على هذه الأمة من قضاء للدولة الرستمية ، هذه الدولة العادلة التي آوت من هم على نحلته وأنصفتهم وحفظة حقوقهم ، وما قام به من إحراق لمكتبتها المعصومة ، وما قام به التتار من القضاء على الدولة العباسية وإحراق مكتبتها دار الحكمة ، مع الأخذ بعين الاعتبار البون الشاسع والفرق الواسع بين الدولة الرستمية والدولة العباسية !!!!!!!!!!