الله اكبر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مواضيع اسلامية


    دعوة الاسلام الى العلم(10)

    M.Mohamed
    M.Mohamed
    Admin


    المساهمات : 155
    تاريخ التسجيل : 04/03/2009
    العمر : 27

    دعوة الاسلام الى العلم(10) Empty دعوة الاسلام الى العلم(10)

    مُساهمة  M.Mohamed الأربعاء مارس 04, 2009 5:54 am

    أثر الدعوة المحمدية في الحرية والمساواة
    للعلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور
    المساواة:
    نُقَفِّي القول في الحرية ببيان المساواة: المساواة مصدر ساواه إذا كان سواءً له أي مماثلاً؛ فالسَّواء المِثل.
    ولا يتصور تمام المساواة بين شيئين، أو أشياء في البشر؛ لأن أصل الخلقة جاء على تفاوت في الصفات المقصودة ذاتية ونفسية، وذلك التفاوت يؤثر تمايزاً متقارباً، أو متباعداً في أخلاق البشر وآثارهم بتفاوت الحاجة إليهم، وترقب المنافع والمضار من تلقائهم، وذلك يقضي تفاوت معاملة الناس بعضهم لبعض في الاعتبار والجزاء.
    فلو دعت شريعة إلى دحض هذه الفروق والمميزات لدعت إلى مالا يستطاع.
    وتأبى الطباع على الناقل
    فضلاً على ما في ذلك من حمل الناس على إهمال المواهب السامية، وذلك فساد قبيح، والله لا يحب الفساد.
    ويكون الاقتراب إلى الفساد يفيد الاقتراب إلى الإفراط في إلغاء المميزات الصالحة، ولا تستقيم شريعة ولا قانون لو جاء بهذا الإلغاء؛ فإن الذين تطرفوا في اعتبار المساواة لا يسيرون طويلاً حتى تجبههم سدود لا يستطيعون اقتحامها كالشيوعيين؛ فقد وقفوا في حدود عجزوا عن تحقيق مبدأ المساواة فيها كمساواة أبكم لفصيح، ومعتوه لذكي.
    ومن هذا يتضح القياس، وتظهر المساواة الحقة بين الناس قال -تعالى-: (وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ (20)) فاطر، وقال: (إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) الفرقان: 44.
    إذن فالمساواة تعتمد توفر شروط وانتفاء موانع؛ فالشريعة التي تبني المساواة على اعتبار الشروط والقيود شريعة مساواتها ضعيفة.
    والشريعة التي تبني مساواتها على انتفاء الموانع شريعةٌ مساواتُها واسعةٌ صالحةٌ، ويظهر أن الدعوة الإسلامية بنت قاعدة المساواة على انتفاء الموانع.
    وشتان بين قوَّةِ تأثيرِ الشرط وتأثير المانع، والشريعةُ التي لا تقيد المساواة بشيء شريعةٌ مضلِّلَة.
    فإذا عددنا المساواة في أصول شريعة الإسلام فإنما نعني بها المماثلة بين الناس في مقاديرَ معلومةٍ، وحقوق مضبوطة من نظام الأمة سواء كان الضبط بكليات ومستثنيات منها أم كان بتعداد مواقع المساواة.
    المساواة في الإسلام تتعلق بثلاثة أشياء: الإنصاف، وتنفيذ الشريعة، والأهلية:
    الأول: المساواة في الإنصاف بين الناس في المعاملات: وهي المُعَبَّر عنها بالعدل، وهو خصلة جليلة جاءت به جميع الشرائع، وبينت تفاصيله بما يناسب أحوال أتباعها.
    وشريعة الإسلام أوسع الشرائع في اعتبار هذه المساواة، ففي خطبة الوداع: "وإن ربا الجاهلية موضوع، وإن أول رباً أبدأ به ربا عمي العباس بن عبدالمطلب، وإن دماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أبدأ به دم ابن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب".
    وفي الصحيح: أن الرُّبَيِّعَ بنت النَّضْر لطمت جارية، فكسرت ثنيَّتها، فطلب أهل الجارية القصاص، فأمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالقصاص، فجاء أنس بن النضر أخو الربيع وكان من خاصة الصحابة من الأنصار فقال: يا رسول الله والله لا تكسر ثنية الربيع، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "كتاب الله القصاص".
    ثم إن أهل الجارية رضوا بالأرش.
    وقصة الفزاري الذي لطمه جبلة بن الأيهم معروفة[1].
    الثانية: المساواة في تنفيذ الشريعة وإقامتها بين الأمة: بحيث تجري أحكامها على وتيرة واحدة ولو فيما ليس فيه حق للغير؛ مثل إقامة الحدود.
    وقد سرقت امرأة من بني مخزوم من قريش حليَّاً، فأمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بإقامة الحد عليها، وعظم ذلك على قريش فقالوا: من يشفع لها عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؟ فقال قائل: ومن يجترئ عليه غير أسامة بن زيد، فكلموا أسامة، فكلم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في شأنها فغضب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وقال: "أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟ إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
    أشار كلام رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى ما كان في الأمم السالفة من التفاضل في إقامة الشريعة، وقد كان ذلك في بني إسرائيل كما ثبت في بعض طرق هذا الحديث في الصحاح، وثبت أن الرومان كانت عقوبات الجنايات المتماثلة تختلف عندهم على حسب اختلاف حالات المجرمين ووسائلهم.
    الثالثة: المساواة الأهلية أي في الصُّلوحية للأعمال والمزايا وتناول المنافع بحسب الأهلية لذلك: وهذه قد تكون بين جميع من هم داخلون تحت سلطة الإسلام، وتكون بين المسلمين خاصة، وتكون بين أصناف المسلمين من الرجال أو من الأحرار من النساء.
    والأصل في هذه الأهلية في الإسلام هو المساواة بين الداخلين تحت حكم الإسلام كلهم لقوله –صلى الله عليه وسلم- في أهل الذمة: "لهم مالنا وعليهم ما علينا".
    ثم المساواة بين المسلمين خاصة في أحكام كثيرة بحكم قوله -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات:10.
    قد جمع حكمُ الأخوةِ اطرادَ المساواةِ، فدخل الرجال والنساء والأحرار والعبيد إلا فيما دلت الأدلة على تخصيصه بصنف دون آخر لا تخصيصاً اقتضاه حال الفطرة، أو مصلحة عامة.
    وفي الحديث: "الناس كأسنان المشط" فلم يقصر المساواة على جنس أو قبيلة، ولم يقدم عربيَّاً على عجمي، ولا أبيض على أسود، ولا صريحاً على مولى، ولا لصيق، ولا معروف النسب على مجهوله، وفي خطبة حجة الوداع: "أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى".
    قد كان تمايز الأجناس أو القبائل في القوانين والشرائع السالفة أصلاً في الأحكام؛ ففي التوراة سفرٌ لِخَصَائصِ اللاويين[2]، وعند الرومان والفرس وبني إسرائيل لم يكن للدخيل في الأمة مثل ما للأصيل، وعند العرب لم يكن للصريح ما للصيق بَلْهَ الغريب عن القبيلة، والإسلام أبطل ذلك.
    أَمَّر النبيُّ –صلى الله عليه وسلم- زيدَ بنَ حارثة وهو من موالي قريش، وأَمَّرَ ابنَه أسامة بن زيد على جيش؛ فتكلم في المرتين بعض العرب فخطب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن تطعنوا في إمارته "يعني أسامة" فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل وأيم الله إن كان "زيد" لخليقاً بالإمارة وإن هذا "أسامة" لمن أحب الناس إليَّ".
    فنبه بقوله إن كان لخليقاً بالإمارة على أن الاعتبار بالكفاءة، ونبه بقوله: "لمن أحب الناس إلي" على أنه إنما اكتسب محبة الرسول –صلى الله عليه وسلم- لفضله وكفاءته؛ إذ بذلك تكتسب محبة الرسول –صلى الله عليه وسلم-.
    كذلك لم يختص الإسلامُ بالمساواة طبقةً.
    وقد كان نظام الطبقات فاشياً بين الأمم؛ فكانت الفرس والروم يعدون الناس أربع طبقات أشرافاً، وأوساطاً، وسفلةً، وعبيداً.
    وكان العرب يعدون الناس طبقات ثلاثاً سادةً، وسوقةً، وعبيداً، فكان الفرس يخصون كل طبقة بخصائص لا تبلغ إليها الطبقة التي هي دونها.
    سأل رستم قائد جيوش الفرس في حرب القادسية زهرة بن حوية عن الإسلام فكان من جملة ما قاله زهرة لرستم: "إن الناس بنو آدم إخوة لأب وأم.
    فقال رستم: إنه منذ ولي أردشير لم يدع أهل فارس أحداً من السفلة يخرج من عمله، ورأوا أن الذي يخرج من عمله تعدى طوره، وعادى أشرافه.
    قال زهرة: نحن خير الناس للناس، فلا نستطيع أن نكون كما تقول، بل نطيع الله في السفلة ولا يضرنا من عصى الله فينا.
    وكان العرب يفرقون في الدية بين السادة والسُّوقة وفي الاقتصاص في الدماء، ويسمون ذلك بالتكايل، فَيُقَدَّر دمُ السيدِ أضعافَ دمِ السُّوقة، فجاء الإسلام بإبطال ذلك ففي الحديث: "المسلمون تتكافأ دماؤهم".
    ولم يعتبر الإسلام للطبقات أحكاماً في الأهلية للكمال إلا في جعل الناس قسمين أهل الحل والعقد، والرعية؛ فأهل الحل والعقد هم ولاة الأمور، وأهل العلم، ورؤساء الأجناد، فهؤلاء طبقة إسلامية جُعل إليها النظر في إجراء مصالح الأمة، ومن خصائصها: انتخاب الخليفة، كما فعل عبد الرحمن بن عوف في تعيين الخليفة من الستة بعد عمر -رضي الله عنهم-.
    وأما المخالفون في الدين من أتباع حكومة الإسلام فقد منحهم الإسلام مساواة في معظم الحقوق عدا ما روعي لهم فيه احترام شرائعهم فيما بينهم، وعدا بعض الأحكام الراجعة إلى موانع المساواة.
    وقد اختلف علماء الإسلام في القصاص بين المسلم والذمي، وجوز العلماءُ ولايةَ الذمي ولاياتٍ كالكتابة ونحوها.
    وقد كان في الأمم الماضية يعد الاختلاف بين الحكومات ورعاياها في الدين حائلاً دون نيل الحقوق، وموجباً للاضطهاد.
    وقد قص التاريخ علينا عدة اضطهادات من هذا القبيل كاضطهاد الآشوريين والرومان لليهود، واضطهاد التبابعة للنصارى في نجران، وهم أصحاب الأخدود، وتاريخ الإسلام مُبَرَّأ من ذلك.
    موانع المساواة:
    موانع المساواة في الإسلام كما أشرت إليه في أول مبحثها تكون: جِبِلِّية، وشرعية، واجتماعية، وسياسية؛ فالموانع الجبلية كموانع مساواة المرأة للرجل، فيما لا تستطيع أن تساويه فيه بخلقها؛ مثل قيادة الجيش، والقضاء عند جمهور المسلمين؛ لاحتياج هذه الخطط إلى رباطة الجأش، وكمنع مساواة الرجل للمرأة في كفالة الأبناء الصغار، وفي

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 7:26 am