الله اكبر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مواضيع اسلامية


    قبس من نور النبوة (الدعاء المقبول)

    M.Mohamed
    M.Mohamed
    Admin


    المساهمات : 155
    تاريخ التسجيل : 04/03/2009
    العمر : 27

    قبس من نور النبوة (الدعاء المقبول) Empty قبس من نور النبوة (الدعاء المقبول)

    مُساهمة  M.Mohamed الجمعة مارس 06, 2009 3:48 am

    قبس من نور النبوة

    الدعاء المقبول



    الدكتور. عبد الرحمن إبراهيم فودة
    أستاذ الأدب المقارن بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أيها المستمع الكريم، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. وأهلاً بكم فى حلقة جديدة من برنامجكم (قبس من نور النبوة).

    روى مسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً) [المؤمنون 51] وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون) [البقرة 172] ثم ذكر "الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يَمُدُّ يديه إلى السماء يارب يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِى بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك ؟"

    إن الله تعالى مقدَّس منزَّه عن النقائص والعيوب كلها، وهو سبحانه لا يَقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً طاهراً من المفسدات كلها كالرياء والعُجب، ولا من الأموال إلا ما كان طيباً حلالاً، فإن الطيب يوصف به الأعمال والأقوال والاعتقادات، وكل هذه تنقسم إلى طيب وخبيث، ولا يستوى الخبيث والطيب.

    وقد قسم الله تعالى الكلامَ إلى طيب وخبيث فقال : (ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة) [إبراهيم 24] وقال تعالى (ومثلُ كلمةٍ خبيثة كشجرة خبيثة) [إبراهيم 26] وقال تعالى (إليه يصعد الكلم الطيبُ والعملُ الصالحُ يرفعه) [فاطر 10]. فالله تعالى لا يقبل إلا الطيب من القول، ومن العمل، ومن الاعتقاد. والمؤمن كله طيب: قلبه ولسانه وجسده، بما يسكن فى قلبه من الإيمان ويظهر على لسانه من الذكر وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التى هى ثمرة الإيمان وداخلة فى اسمه، فهذه الطيبات كلها يقبلُها الله عز وجل، ومن أعظم ما يَحصل به طِيب الأعمال للمؤمن طِيبُ مطعمه، وأن يكون من حلال، فبذلك يزكو عمله. أما أكلُ الحرام فيُفسد العملَ ويَمنع قبولَه.

    أخى الكريم .. لقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين،أمرهم بالأكل من الطيبات التى هى الحلال، وبالعمل الصالح، فما كان الأكل حلالاً فالعمل الصالح مقبول، فإذا كان الأكل غير حلال فكيف يكون العمل مقبولاً ؟ ثم ضرب النبى صلى الله عليه وسلم مثالاً لاستبعاد قبول الأعمال مع التغذية بالحرام (ثم ذكر الرجل يطيل السفر ..).
    وفى الحديث إشارة إلى آداب الدعاء، وإلى الأسباب التى تقتضى إجابته، وإلى ما يمنع من إجابته.
    فذكر من الأسباب التى تقتضى إجابة الدعاء أربعة:
    أحدها: إطالة السفر، والسفر بمجرده يقتضى إجابة الدعاء كما فى حديث أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده"(1).
    ومتى طال السفر كان أقرب إلى إجابة الدعاء، لأنه مظنةُ حصول انكسار النفس بطول الغربة عن الأوطان وتحمُّل المشاق. والانكسار من أعظم أسباب إجابة الدعاء.

    الثانى: حصول التبذّل فى اللباس، والهيئة، بالشَّعَث والإغبار، وهو من المقتضيات لإجابة الدعاء كما فى الحديث المشهور عن النبى صلى الله عليه وسلم " رُبَّ أشعث أغبر ذى طِمْرَيْن مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره" (2).

    الثالث : (من أسباب قبول الدعاء):
    مدّ يديه إلى السماء، وفى حديث سلمان رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى حَيىُّ كريم يستحيى إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صِفْراً خائبتين"(3).

    والرابع: الإلحاح على الله عز وجل بتكرير ذكر ربوبيته، وهو من أعظم ما يُطلب به إجابةُ الدعاء. وكم فى القرآن الكريم ـ أخى المستمع الحبيب ـ من أدعية افتُتِحت باسم الرب سبحانه، كقوله تعالى (ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) [البقرة 201] (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) [البقرة 286] وقولِه (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ..) [آل عمران 8].
    أما ما يمنع إجابة الدعاء أيها المستمعون الكرام، فهو التوسع فى الحرام أكلاً وشُرباً ولُبساً وتغذية. قيل لسعد بن أبى وقاص رضى الله عنه: تستجاب دعوتك من بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
    ـ قال : ما رفعت إلى فمى لقمة إلا وأنا عالمٌ من أين مجيئُها ومن أين خرجت. ورُوى عن بعض الصالحين الأوائل أنه قال : بَلَغَنَا أن دعاء العبد يُحبس عن السماوات بسوء المطعم.

    ومن موانع الإجابة أيضاً ارتكاب المحرمات وترك الواجبات، وقد قال بعض السلف: لا تستبطئ الإجابة، وقد سَددْتَ طُرقَها بالمعاصى. وقد أخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال :
    "نحن ندعو الإلهَ فى كل كرب ثم ننساهُ عند كشف الكروب
    كيـف نـرجو إجابـةَ لدعاء قـد سددنا طريقَها بالذنوب ؟

    ولذا فقد قال صلى الله عليه وسلم (فأنى يستجاب لذلك) وهو استفهام واقع على وجه التعجب والاستبعاد. إذ كيف يدعو هذا الآكل للحرام وينتظر الإجابة مع تيقنه من سوء فعاله، نسأل الله أن يطعمنا الحلال ويجنبنا مهاوى الضلال إنه ولى ذلك والقادر عليه.

    وإلى لقاء آخر بمشيئة الله، أستودعكم الله الذى لا تضيع ودائعه.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ----------------------
    (1) ابن ماجه من حديث أبى هريرة. وانظر صحيح الجامع 3031
    (2) رواه مسلم وأحمد من حديث أبى هريرة. وانظر صحيح الجامع 3484
    (3) رواه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه والحاكم من حديث سلمان. انظر صحيح الجامع 1757

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 2:42 am