الله اكبر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مواضيع اسلامية


    تأملات وعبر من حياة النبي موسى (عليه السلام ج2

    M.Mohamed
    M.Mohamed
    Admin


    المساهمات : 155
    تاريخ التسجيل : 04/03/2009
    العمر : 27

    تأملات وعبر من حياة النبي موسى (عليه السلام ج2 Empty تأملات وعبر من حياة النبي موسى (عليه السلام ج2

    مُساهمة  M.Mohamed الجمعة مارس 06, 2009 9:38 am

    تأملات وعبر من حياة النبي موسى (عليه السلام ج2
    24/07/2007

    {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}.. بلوغ الأشد أن يعمر الإنسان ما تشتد عند ذلك قواه، ويكون في الغالب في الثمان عشرة.. وفي هذا السن رغم أنه في عرف الناس، ليس بسن النضج، وكمال الفهم والروح.. ولكن الله عز وجل، إذا أراد أن يخص عبده بشيء، فمَن ذا الذي يردّ فضّله؟!..

    في هذا الذيل من الآية الكريمة، هناك إشارة إلى معادلة مهمة، وهي أنه: أولاً: أن الحكم والعلم، أمرٌ إيتائي: {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}.. فلا بد من وجود سبب ما وراء عالم الأسباب، وهو رب العالمين الذي يفيض كل شيء.. ولكن هذا الفيض، وهذه الهبة الإلهية، تحتاج إلى أرضية قابلة {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}.

    وعليه، فإن معنى ذلك أن موسى (ع) إنسان قابل لتلقي الحكم والعلم.. ولكن أين ثبت إحسان موسى (ع)؟.. فهل عاش في قصر فرعون شيئاً من المعاناة، كما عاش يوسف مثلاً؟.. من الممكن أن تكون معاناة موسى (ع) في قصر فرعون، تختلف عن معاناة يوسف (ع).. فتلك معاناة في عالم الشهوات {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ}.. ويُفهم من بعض الروايات، أن موسى لعله كان في صراع عقائدي مع فرعون في قصره، رغم أنه رُبّي في ذلك القصر، واتخذوه ولدا.. إلا أنه يقال بأنه كان يقف أمام فرعون، ويتكلم بما يناسب وحدانية الله سبحانه وتعالى.. فمن الممكن أن هذه الحركة الجهادية من موسى (ع) قد أوجبت له هذا القرب الإلهي.. ونحن نعلم أنه بهذا الحكم، وبهذا العلم بلغ موسى (ع) ما بلغ!..

    {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا}.. يبدو أن موسى (ع) دخل المدينة في ساعة لا يُتعارف فيها الحركة، -مثلا- حين يدخل الناس بيوتهم، فتتعطل الأسواق، وتخلو الشوارع والأزقة من المارة: كالظهيرة، وأواسط الليل.. فوجد نزاعاً بين رجلين: {فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ}.. رجل إسرائيلي، وآخر قبطي.. فالإسرائيلي منتسبٌ إلى نبي الله يعقوب (ع) ذلك الانتساب الذي يوافق توجه موسى (ع).. والقبطي كان مدعوماً من قبل فرعون.. {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ}.. فعندما رأى النزاع، تدخل ونوى نصر ذلك الذي من شيعته، فدفعه بقبضة كفه، ولم يكن قاصداً قتله؛ لأن الآية لم تقل: فقتله، بل قالت: {فَقَضَى عَلَيْهِ}، أي كان القتل قتلاً خطأياً.

    ومع ذلك {قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ}.. ما المراد من هذه العبارة: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}؟.. رغم أننا نعتقد بأن موسى (ع) معصوم، ومن أولي العزم، ولعل هذه الحادثة وقعت بعد إيتاء الحكم والعلم؟!.. وفي تفسير هذه العبارة يقول البعض: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}.. أي النزاع الذي وقع بين الإسرائيلي، وبين القبطي.. والبعض يقول: بأن موسى (ع) ينظر إلى النتيجة –أي هذا الذي وقع من القتل الخطأي– جعله مستنداً إلى الشيطان، وأن موسى (ع) تورط في ساعة دخول المدينة، فكان في تلك الساعة رجلان يقتتلان، وهذه الأجواء ساعدت بأن يقع موسى (ع) في هذا المأزق.. ومن هنا توسل بالله عز وجل؛ فالمؤمن لا يريد باختياره أن يورّط نفسه، فيما لا يحمد عقباه.. ولكن الظروف تسير بكيفية توقعه في مهلكة، وخاصة أن بعض صور المهلكات للمؤمن، تستند إلى فعل الغير، فهو لا ينوي شراً، ولكن يتفق أن موسى (ع) يدخل المدينة في ساعة غفلة من أهلها، وهناك رجلان يقتتلان: هذا من شيعته، وهذا من عدوه، فدفعه دفعاً -لم يقتله قتلاً- ولكنه سقط فمات.

    إن موسى (ع) توجه إلى ربه، وناجاه، وقال: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ}.. وهنا عاهد موسى (ع) ربه، أن لا يكون عوناً لمجرم، سواء كان ذلك المتخاصم في هذه القضية الجزئية، أو كان فرعون بجبروته وطغيانه.

    {

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 10:44 am