نشأة الدولة الرستمية
بداية أجد من اللازم علي أن أعرفكم على نفسي ، أنا اسمي التيهرتي وبلادي هي الدولة الرستمية التي نشأت في نهاية سنة 155 للهجرة وبداية 156 للهجرة في المغرب الاوسط ( الجزائر )، وعاصمتها هي تيهرت ، هذا وأود أن انبه انه توجد في الجزائر حاليا مدينة تسمى تيهرت ولكنها تبعد 9كلم عن تيهرت القديمة والتي كانت عاصمة للدولة الرستمية وتبعد عن مدينة الجزائر العاصمة بحوالي 430 كلم.
وقد اختلف الباحثون في اسم تيهرت منهم من أسماها تايهرت ومنهم من أسماها تيهرت من غير ألف ، والاسم الثاني هو الصحيح الذي مال إليه كل من الدكتور محمد ناصر والأستاذ إبراهيم بحاز انظر أخبار الائمة الرستميين لابن الصغير ص28 .
هذا واسمحوا لي أن استعرض معكم كيف نشأت هذه الدولة الإسلامية الخالدة والتي للأسف الشديد أهملها كثير من المؤرخين السابقين أو المعاصرين إلا من رحم الله ، إما لتعصب مذهبي مقيت أو لجهلهم بها فلم يكلفوا نفسهم عناء البحث والتقصي المنصف عنها ، بالرغم من أنها امتدت أكثر من الدولة الأموية والعباسية المحسوبتان على الإسلام وأفعال ملوكها لا تخفى عن كل ذي لب.
الإمام المؤسس لها هو الإمام عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن سام بن كسرى أنو شروان الملك الفارسي المشهور . واستمرت قائمة شامخة حتى عام 296 للهجرة أي ما يقارب من 140 عاما إلى أن سقطت على يد من أكل قلبه الحسد وأعماه التعصب المذهبي وهو أبو عبدالله الشيعي فقتل كثيرا من أهلها وشيوخها ونسائها وأطفالها الأبرياء ولم يراعي فيهم أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله التي يعصم بها دم المرء ، ولا نقول إلا وعند الله تجتمع الخصوم .
ولد الإمام عبدالرحمن في العراق من أب فارسي من سلالة كسرى الملك الفارسي المشهور ، هاجر أبوه إلى المغرب وأخذه معه وأمه ، إلا أن أباه مات في الطريق بالقرب من مكة ، التقى وأمه بالحجاج القادمين من المغرب فتزوجت أمه بواحد منهم من القيروان ، فهاجر بهم إلى القيروان ، وهكذا ولد إمامنا العادل عبد الرحمن بن رستم من أب فارسي ونشأ نشأة عربية إسلامية .
وحين بلغ عبد الرحمن عنفوان الشباب تناهى إلى مسمعه ظهور أناس مجددين في المشرق يدعون إلى إقامة شرع الله في الأرض ونشر العدل وإغاثة الملهوف ورد الظالم ، وعلى رأسهم عالم جليل اسمه أبو عبيده مسلم بن أبي كريمة رضي الله عنه الإمام الثاني للمذهب الإباضي ، وفي هذه الفترة بدأ المذهب الإباضي بالانتشار في المغرب عن طريق الداعية سلمة بن سعد ، الذي دل الشاب عبدالرحمن المتعطش للعلم على الإمام أبى عبيدة ، فطار عبدالرحمن إلى بحر العلوم للعب من معينه الصافي وكأنه يعد نفسه للأمر الجلل الذي سيلقى على عاتقه بإقامة دولة اعادت للقلوب ذكريات أولئك العظماء الذين تربوا في أحضان النبوة من أمثال الصديق والفاروق.
كانوا خمسة من طلاب العلم باعوا أنفسهم لله والله اشترى ، أربعة من المغرب والخامس من اليمن واسمه أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري ، وأما الأربعة الذين من المغرب فكان من بينهم عبدالرحمن ، التقوا هؤلاء جميعا عند الإمام أبي عبيدة في البصرة ، وكان هذا في عام 135 للهجرة ، وظلوا معه لمدة خمس سنوات يعبون من معينه الصافي في سرداب تحت الأرض ، وذلك خوفا من أذى الدولة الأموية المحسوبة على الإسلام والتي ما فتئت تتعرض بشتى صنوف التعذيب والأذى والقتل لمن خالفها في عقيدتها وتوجهاتها وإن كان ممن ينطق بالشهادتين .
وبعد أن عبوا من العلم الصافي واخذوا ما شاء الله لهم من العلم خرجوا من السرداب في عام 140 للهجرة ، وعادوا إلى المغرب ومعهم أبو الخطاب المعافري وقد أوعز إليهم الإمام أبو عبيدة أن يبايعوه إماما عليهم حين تسنح لهم الفرصة ، ومما يدل على خروجهم من عند أبي عبيدة وقد تبحروا في العلوم قصة تروى عن أحدهم وهو إسماعيل ابن درار الغدامسي مع إمامه أبي عبيدة كما ذكرها الدرجيني في الطبقات ص 211 : ( ... فلما أرادوا الخروج من عنده هيأ الشيخ المركوب لتوديعهم ، ووضع رجله في الركاب - أي إسماعيل الغدامسي وضع رجله في الركاب - فسأله إسماعيل عن ثلاثمائة مسألة من مسائل الأحكام قبل أن يستوي على متن الدابة ، فقال له أبو عبيدة: أتريد أن تكون قاضيا يا ابن درار ؟ قال له : أرأيت إن ابتليت بذلك ! فبماذا تأمرني يرحمك الله ؟ .... ) .
انطلقوا ميممين شطر المغرب لإقامة شرع الله ، وبعد أن انهوا خمس سنوات مع إمامهم عادوا إلي المغرب تسبقهم أشواقهم لإقامة شرع الله وإحياء سنة رسول الله ، هذا وقد وضعوا الخطط السياسية المحكمة ، واعدوا القبائل البربرية لتستعد للثورة وتعلن الإمامة ، وهيئوا العدة العسكرية والبشرية لإنجاح هذه الثورة ، ولما وصلوا إلي المغرب ، فلما أحسوا أن الفرصة قد واتتهم وريحهم قد هبت بادروا بمبايعة أبي الخطاب عبد الأعلى المعافري ، حيث أن الإمام أبا عبيدة أوعز إليهم بذلك وأمرهم بقتله إن رفض ، وهذا يذكرنا بما حدث من الإمام السالمي رحمه الله عند رفض الإمام سالم بن راشد الخروصي رحمه الله قبول البيعة فأمر الإمام السالمي أبا زيد الريامي بضرب عنق الإمام سالم مما اضطر الإمام سالم إلى أن يقبل البيعة وهو يبكي رحمه الله ، ولما سئل الإمام السالمي عن الدليل الذي استند إليه في ذلك اخبرهم بما ورد عن الإمام أبي عبيدة من أمره طلابه بقتل أبي الخطاب إن رفض البيعة لما في ذلك من مفسده لأمر المسلمين .
هنا لم يجد أبو الخطاب مفرا من قبول البيعة ، وتمت البيعة له وكان ذلك في عام140 للهجرة ، وكانت المغرب في تلك الفترة واقعة تحت نير الدولة العباسية ، وبعد أن استمرت إمامة أبي الخطاب أربع سنوات ذاق فيها المسلمون طعم الأمان والعدل وإقامة شرع الله ولكن ما لبثت جيوش أبي جعفر المنصور أن وصلت إلى إفريقية بقيادة محمد بن الأشعث الخزاعي ، ولم يجد أبو الخطاب عناء في صد هذا الجيش العباسي ورده مهزوما ، ولكن ما لبث أن أعاد الكرة بجيش قوامه أربعون ألفا ، واستطاع أبو الخطاب التغلب عليه بفضل الله مرة ثانية وصدق الله حين قال : (( .... كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين )) البقرة : 249 .
وهنا لجأ ابن الأشعث إلى الحيلة والخيانة ، وهذا ديدنهم فهو ليس بغريب على أمثالهم ، وليس بعيد عنا ما حدث للتابعي الجليل أبي بلال مرداس بن حدير التميمي وأصحابه الأربعين من بني أمية وقائدهم ابن زرعه الذي انهزم أمام أربعين رجلا بالرغم من أنه على رأس ألف جندي وكان حريا به أن ينهزم ، فان أبا بلال وأصحابه الأربعين الرجل فيهم عن ألف رجل ، فبعث بنو أمية إليه بقائد جديد وهو عباد بن اخضر على رأس أربعة آلاف جندي فلم يتغلب على أبي بلال وأصحابه مما اضطره إلى اللجوء إلى الخيانة فهجم على أبى بلال وأصحابه وهم يؤدون صلاة الجمعة فخان العهد حيث انهما اتفقا على وقف القتال إلى حين أن ينتهي الجميع من أداء صلاة الجمعة فأين هي عهود المسلمين ، وهنيئا لتلك الأجساد الطاهرة الجنة التي استشهدت خاشعة بين يدي رب العزة والجلال .
وهذا ما حدث كذلك للإمام الجلندى بن مسعود رحمه الله وأصحابه حين هجم عليهم الجيش العباسي بقيادة خازم بن خزيمة فقاتلوهم ولم يتمكنوا منهم ، فلجأ خازم بن خزيمة إلى الغدر والمكيدة ، فأمر بإحراق بيوت الجلندى وأصحابه وكان بها الأطفال والنساء والشيوخ فأي دين هذا الذي يأمر بقتل الأطفال والنساء والشيوخ؟! وما الفرق بين هؤلاء وبين ما يفعله اليهود في فلسطين وما تفعله الدول الغربية في العراق وما يفعله الصرب في مسلمي البلقان .
إذا فالغدر ديدنهم فهم لا يقوون على المواجهة رجلا لرجل ، نعم لجأ ابن الأشعث إلى الغدر حين علم ألا طاقة له بالتغلب على هذه الثلة المؤمنة إلا بالخيانة فتظاهر بالانسحاب إلى المشرق ، وتفرق جيش أبي الخطاب الذي كان من الأهالي والفلاحين الذين عادوا إلى مزارعهم في موسم الحصاد ، مما سهل على ابن الأشعث القضاء على من بقي مع أبي الخطاب فقتلهم جميعا والله المستعان على ذلك وعند الله تجتمع الخصوم.
بداية أجد من اللازم علي أن أعرفكم على نفسي ، أنا اسمي التيهرتي وبلادي هي الدولة الرستمية التي نشأت في نهاية سنة 155 للهجرة وبداية 156 للهجرة في المغرب الاوسط ( الجزائر )، وعاصمتها هي تيهرت ، هذا وأود أن انبه انه توجد في الجزائر حاليا مدينة تسمى تيهرت ولكنها تبعد 9كلم عن تيهرت القديمة والتي كانت عاصمة للدولة الرستمية وتبعد عن مدينة الجزائر العاصمة بحوالي 430 كلم.
وقد اختلف الباحثون في اسم تيهرت منهم من أسماها تايهرت ومنهم من أسماها تيهرت من غير ألف ، والاسم الثاني هو الصحيح الذي مال إليه كل من الدكتور محمد ناصر والأستاذ إبراهيم بحاز انظر أخبار الائمة الرستميين لابن الصغير ص28 .
هذا واسمحوا لي أن استعرض معكم كيف نشأت هذه الدولة الإسلامية الخالدة والتي للأسف الشديد أهملها كثير من المؤرخين السابقين أو المعاصرين إلا من رحم الله ، إما لتعصب مذهبي مقيت أو لجهلهم بها فلم يكلفوا نفسهم عناء البحث والتقصي المنصف عنها ، بالرغم من أنها امتدت أكثر من الدولة الأموية والعباسية المحسوبتان على الإسلام وأفعال ملوكها لا تخفى عن كل ذي لب.
الإمام المؤسس لها هو الإمام عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن سام بن كسرى أنو شروان الملك الفارسي المشهور . واستمرت قائمة شامخة حتى عام 296 للهجرة أي ما يقارب من 140 عاما إلى أن سقطت على يد من أكل قلبه الحسد وأعماه التعصب المذهبي وهو أبو عبدالله الشيعي فقتل كثيرا من أهلها وشيوخها ونسائها وأطفالها الأبرياء ولم يراعي فيهم أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله التي يعصم بها دم المرء ، ولا نقول إلا وعند الله تجتمع الخصوم .
ولد الإمام عبدالرحمن في العراق من أب فارسي من سلالة كسرى الملك الفارسي المشهور ، هاجر أبوه إلى المغرب وأخذه معه وأمه ، إلا أن أباه مات في الطريق بالقرب من مكة ، التقى وأمه بالحجاج القادمين من المغرب فتزوجت أمه بواحد منهم من القيروان ، فهاجر بهم إلى القيروان ، وهكذا ولد إمامنا العادل عبد الرحمن بن رستم من أب فارسي ونشأ نشأة عربية إسلامية .
وحين بلغ عبد الرحمن عنفوان الشباب تناهى إلى مسمعه ظهور أناس مجددين في المشرق يدعون إلى إقامة شرع الله في الأرض ونشر العدل وإغاثة الملهوف ورد الظالم ، وعلى رأسهم عالم جليل اسمه أبو عبيده مسلم بن أبي كريمة رضي الله عنه الإمام الثاني للمذهب الإباضي ، وفي هذه الفترة بدأ المذهب الإباضي بالانتشار في المغرب عن طريق الداعية سلمة بن سعد ، الذي دل الشاب عبدالرحمن المتعطش للعلم على الإمام أبى عبيدة ، فطار عبدالرحمن إلى بحر العلوم للعب من معينه الصافي وكأنه يعد نفسه للأمر الجلل الذي سيلقى على عاتقه بإقامة دولة اعادت للقلوب ذكريات أولئك العظماء الذين تربوا في أحضان النبوة من أمثال الصديق والفاروق.
كانوا خمسة من طلاب العلم باعوا أنفسهم لله والله اشترى ، أربعة من المغرب والخامس من اليمن واسمه أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري ، وأما الأربعة الذين من المغرب فكان من بينهم عبدالرحمن ، التقوا هؤلاء جميعا عند الإمام أبي عبيدة في البصرة ، وكان هذا في عام 135 للهجرة ، وظلوا معه لمدة خمس سنوات يعبون من معينه الصافي في سرداب تحت الأرض ، وذلك خوفا من أذى الدولة الأموية المحسوبة على الإسلام والتي ما فتئت تتعرض بشتى صنوف التعذيب والأذى والقتل لمن خالفها في عقيدتها وتوجهاتها وإن كان ممن ينطق بالشهادتين .
وبعد أن عبوا من العلم الصافي واخذوا ما شاء الله لهم من العلم خرجوا من السرداب في عام 140 للهجرة ، وعادوا إلى المغرب ومعهم أبو الخطاب المعافري وقد أوعز إليهم الإمام أبو عبيدة أن يبايعوه إماما عليهم حين تسنح لهم الفرصة ، ومما يدل على خروجهم من عند أبي عبيدة وقد تبحروا في العلوم قصة تروى عن أحدهم وهو إسماعيل ابن درار الغدامسي مع إمامه أبي عبيدة كما ذكرها الدرجيني في الطبقات ص 211 : ( ... فلما أرادوا الخروج من عنده هيأ الشيخ المركوب لتوديعهم ، ووضع رجله في الركاب - أي إسماعيل الغدامسي وضع رجله في الركاب - فسأله إسماعيل عن ثلاثمائة مسألة من مسائل الأحكام قبل أن يستوي على متن الدابة ، فقال له أبو عبيدة: أتريد أن تكون قاضيا يا ابن درار ؟ قال له : أرأيت إن ابتليت بذلك ! فبماذا تأمرني يرحمك الله ؟ .... ) .
انطلقوا ميممين شطر المغرب لإقامة شرع الله ، وبعد أن انهوا خمس سنوات مع إمامهم عادوا إلي المغرب تسبقهم أشواقهم لإقامة شرع الله وإحياء سنة رسول الله ، هذا وقد وضعوا الخطط السياسية المحكمة ، واعدوا القبائل البربرية لتستعد للثورة وتعلن الإمامة ، وهيئوا العدة العسكرية والبشرية لإنجاح هذه الثورة ، ولما وصلوا إلي المغرب ، فلما أحسوا أن الفرصة قد واتتهم وريحهم قد هبت بادروا بمبايعة أبي الخطاب عبد الأعلى المعافري ، حيث أن الإمام أبا عبيدة أوعز إليهم بذلك وأمرهم بقتله إن رفض ، وهذا يذكرنا بما حدث من الإمام السالمي رحمه الله عند رفض الإمام سالم بن راشد الخروصي رحمه الله قبول البيعة فأمر الإمام السالمي أبا زيد الريامي بضرب عنق الإمام سالم مما اضطر الإمام سالم إلى أن يقبل البيعة وهو يبكي رحمه الله ، ولما سئل الإمام السالمي عن الدليل الذي استند إليه في ذلك اخبرهم بما ورد عن الإمام أبي عبيدة من أمره طلابه بقتل أبي الخطاب إن رفض البيعة لما في ذلك من مفسده لأمر المسلمين .
هنا لم يجد أبو الخطاب مفرا من قبول البيعة ، وتمت البيعة له وكان ذلك في عام140 للهجرة ، وكانت المغرب في تلك الفترة واقعة تحت نير الدولة العباسية ، وبعد أن استمرت إمامة أبي الخطاب أربع سنوات ذاق فيها المسلمون طعم الأمان والعدل وإقامة شرع الله ولكن ما لبثت جيوش أبي جعفر المنصور أن وصلت إلى إفريقية بقيادة محمد بن الأشعث الخزاعي ، ولم يجد أبو الخطاب عناء في صد هذا الجيش العباسي ورده مهزوما ، ولكن ما لبث أن أعاد الكرة بجيش قوامه أربعون ألفا ، واستطاع أبو الخطاب التغلب عليه بفضل الله مرة ثانية وصدق الله حين قال : (( .... كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين )) البقرة : 249 .
وهنا لجأ ابن الأشعث إلى الحيلة والخيانة ، وهذا ديدنهم فهو ليس بغريب على أمثالهم ، وليس بعيد عنا ما حدث للتابعي الجليل أبي بلال مرداس بن حدير التميمي وأصحابه الأربعين من بني أمية وقائدهم ابن زرعه الذي انهزم أمام أربعين رجلا بالرغم من أنه على رأس ألف جندي وكان حريا به أن ينهزم ، فان أبا بلال وأصحابه الأربعين الرجل فيهم عن ألف رجل ، فبعث بنو أمية إليه بقائد جديد وهو عباد بن اخضر على رأس أربعة آلاف جندي فلم يتغلب على أبي بلال وأصحابه مما اضطره إلى اللجوء إلى الخيانة فهجم على أبى بلال وأصحابه وهم يؤدون صلاة الجمعة فخان العهد حيث انهما اتفقا على وقف القتال إلى حين أن ينتهي الجميع من أداء صلاة الجمعة فأين هي عهود المسلمين ، وهنيئا لتلك الأجساد الطاهرة الجنة التي استشهدت خاشعة بين يدي رب العزة والجلال .
وهذا ما حدث كذلك للإمام الجلندى بن مسعود رحمه الله وأصحابه حين هجم عليهم الجيش العباسي بقيادة خازم بن خزيمة فقاتلوهم ولم يتمكنوا منهم ، فلجأ خازم بن خزيمة إلى الغدر والمكيدة ، فأمر بإحراق بيوت الجلندى وأصحابه وكان بها الأطفال والنساء والشيوخ فأي دين هذا الذي يأمر بقتل الأطفال والنساء والشيوخ؟! وما الفرق بين هؤلاء وبين ما يفعله اليهود في فلسطين وما تفعله الدول الغربية في العراق وما يفعله الصرب في مسلمي البلقان .
إذا فالغدر ديدنهم فهم لا يقوون على المواجهة رجلا لرجل ، نعم لجأ ابن الأشعث إلى الغدر حين علم ألا طاقة له بالتغلب على هذه الثلة المؤمنة إلا بالخيانة فتظاهر بالانسحاب إلى المشرق ، وتفرق جيش أبي الخطاب الذي كان من الأهالي والفلاحين الذين عادوا إلى مزارعهم في موسم الحصاد ، مما سهل على ابن الأشعث القضاء على من بقي مع أبي الخطاب فقتلهم جميعا والله المستعان على ذلك وعند الله تجتمع الخصوم.